خمسيني بين تغسيل الأموات وإدارة أوكار الفساد: ازدواجية صادمة.

ادارة النشر16 أبريل 2025آخر تحديث :
خمسيني بين تغسيل الأموات وإدارة أوكار الفساد: ازدواجية صادمة.

لطيفة الطويلب /اولاد تايمة

في مدينة أولاد تايمة، حيث تحظى طقوس دفن الموتى بمكانة دينية واجتماعية خاصة، يبرز اسم رجل خمسيني اشتهر بممارسة مهام تغسيل الأموات وتكفينهم، بل وأخذ على عاتقه حضور كل جنازة يسمع بها، متنقلًا بين البيوت والمقابر في مشهد يجمع بين التخشع والنفاق الاجتماعي.

غير أن الوجه الآخر لهذا الشخص يحمل مفارقة صادمة، إذ يدير في الخفاء شقتين مفروشتين تستقبلان أنشطة غير أخلاقية، في منطقة لا تبعد كثيرًا عن مسجد محمد الخامس. هذا ما كشفت عنه جريدة الحصاد 24 بعد تحركها الميداني، حيث اتصلت بعدد من المواطنين الهواريين وتوصلت من مصادر متعددة بمعطيات دقيقة تؤكد تورطه في هذه الأنشطة.

هذا الرجل، الذي يظهر بمظهر الورع والتقوى أمام أهالي المدينة، يتعامل مع الموتى كوسيلة لتثبيت صورته “المقدسة”، حيث يحرص على تقديم نفسه كخادم للجنائز، يواسي أهل الفقيد ويدعو لهم بالمغفرة والجنة. لكنه، في المقابل، يثبت من خلال سلوكياته الأخرى أن هذه الطقوس بالنسبة له ليست سوى ستار يخفي وراءه أعمالًا مناقضة تمامًا لقيم الدين والمجتمع.

لم يقف استغلاله عند هذا الحد، بل تجاوز ذلك إلى بيع “ماء الميت”، وهو سلوك يندرج ضمن طقوس شعوذة لا تمت بصلة للقيم الدينية السامية لتغسيل الموتى. هذه التصرفات، التي ربما يعرفها الكثيرون في المنطقة دون أن يتجرأوا على التصريح بها، تطرح تساؤلات جدية حول كيف لشخص بهذه الأخلاق أن تُسند إليه مهمة تُعد من أشرف المهام الدينية والإنسانية.

وفي هذا السياق، يتساءل العديد من سكان هوارة باستغراب ومرارة: لماذا لا تتدخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مثل هذه الحالات؟ ولماذا لا تتولى هذه الوزارة، باعتبارها الجهة الوصية على الشأن الديني، مسؤولية انتقاء من تتوفر فيهم الأهلية لتولي مهام الغسل والوعظ؟ فالأمر لا يتعلق بمهنة عادية، بل بمهمة ذات طابع روحي وإنساني عميق، تتطلب أهلًا للثقة والمعرفة، وليس مجرد متطفلين يتجرؤون حتى على الخطابة والموعظة دون تكوين أو ترخيص.

فلماذا لا يتم اعتماد إجراءات واضحة، وربط أداء القسم بهذه المهام؟ ولم لا تُدرج شروط دقيقة تُراعي خصوصية وقدسية هذا المجال؟ تجاهل هذه المعايير يفتح الباب أمام أشخاص بعيدين عن الضوابط الشرعية والأخلاقية، مما يسبب قلقًا مشروعًا لدى المواطن الهواري، ويسيء إلى صورة المجتمع وقيمه.

ما يثير الغضب في هذه القضية ليس فقط ازدواجية السلوك، بل استمرار هذا الشخص في ممارسة دور مغسل الأموات رغم فقدانه لأي شرط من شروط الثقة والأمانة. فالناس يأتمنون على موتاهم من يغسلهم، ويريدون لمن يتولى هذه المهمة أن يكون أهلًا لها، لا أن يكون شخصًا يعيش حياة مزدوجة، يتنقل بين حضور الجنازات وإدارة أنشطة غير مشروعة في الخفاء.

الشارع الهواري لن يصمت طويلًا أمام هذه الممارسات، والتفاعل مع هذه القضية قد يكون حاسمًا لإزاحة هذا الشخص من مهامه، خصوصًا أن التغاضي عن مثل هذه السلوكيات يضر بسمعة المجتمع ككل. فإكرام الميت دفنه، وليس استغلاله لتحقيق مكاسب شخصية، سواء بالمظاهر المخادعة أو بالطقوس المشبوهة.

إنه لأمر مخزٍ أن يكون من يتولى مهامًا مقدسة، مثل تغسيل الموتى، شخصًا بعيدًا عن القيم التي يدّعي تمثيلها. والمجتمع، الذي بات أكثر وعيًا اليوم، لن يظل متفرجًا على مثل هذه الانتهاكات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة