ترامب و”العبقرية المطلقة”: لماذا لا نُهجِّر الجميع ونرتاح؟!

ادارة النشر7 فبراير 2025آخر تحديث :
ترامب و”العبقرية المطلقة”: لماذا لا نُهجِّر الجميع ونرتاح؟!

بقلم: المستشار الدكتور حسن بن ثابت

في أحدث حلقات المسلسل الكوميدي الطويل “ترامب والعالم ضد المنطق”، قرر فخامة الرئيس العبقري إعلان حالة الطوارئ الوطنية، ليس لمواجهة كارثة طبيعية، أو أزمة اقتصادية، أو حتى غزو فضائي، بل لأن المحكمة الجنائية الدولية قررت أنها تملك الحق في التحقيق بجرائم حرب! يا للهول! المحكمة تجرأت على الاعتقاد بأن القانون لا يُطبخ على الطريقة الأمريكية، بل يطبق على الجميع، حتى على أولئك الذين يوزعون الديمقراطية بالصواريخ والطائرات المسيرة!

ترامب، الذي ربما يظن أن كلمة جنائية تعني أن المحكمة مجرد عصابة إجرامية تتآمر عليه شخصيًا، قرر أن يضع العدالة الدولية في قائمة أعداء أمريكا، إلى جانب المهاجرين، والصحافة، والكتب التي تحتوي على أكثر من خمس جمل مترابطة. وللتصدي لهذا التهديد “المرعب”، هدد فخامته بفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة، ربما لأنهم لم يشتروا كتبه أو لم يحضروا حفلات افتتاح فنادقه الفاشلة. العقوبات قد تشمل تجميد أرصدتهم البنكية، حرمانهم من تأشيرات دخول ديزني لاند، وربما – في خطوة أكثر قسوة – منعهم من متابعة تغريداته العبقرية!

ولكن لحظة، لا بد من الإعجاب بعبقرية ترامب القانونية، فهو يرى أن المحكمة الجنائية الدولية لا تملك أي سلطة على أمريكا لأنها ليست عضوًا فيها، لكن في الوقت نفسه، يعتقد أن أمريكا تملك كل الحق في معاقبة المحكمة، رغم أنها ليست عضوًا فيها أيضًا! هذا المنطق العبقري يذكرنا بالجاذبية في عالم ترامب: كل القوانين تسقط، إلا إذا كانت لصالح أمريكا.

أما المفارقة الأكبر، فهي أن ترامب لا يعترض فقط على محاكمة الأمريكيين، بل قرر أيضًا الدفاع عن إسرائيل، لأن المحكمة تجرأت على الاعتقاد بأن الفلسطينيين بشر أيضًا! وبما أن فخامته بلا شك قرأ نصف صفحة من كتاب قانوني قبل أن يملّ وينتقل إلى تويتر، فقد أعلن أن المحكمة الجنائية الدولية لا سلطة لها على إسرائيل أيضًا، لأن… لماذا لا؟

في النهاية، الحل الوحيد لتجنب غضب ترامب هو أن تعلن المحكمة الجنائية أنها مجرد برنامج تلفزيوني ساخر، وأن قضاة لاهاي مجرد ممثلين في نسخة هولندية من “ذا أبرنتس”، وإلا فإنهم قد يجدون أنفسهم على قائمة العقوبات الأمريكية، متهمين بجريمة العصر: محاولة تحقيق العدالة!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة