بقلم المستشار الدكتور/ حسن بن ثابت
إن فاعلية أي حكومة تعتمد بشكل أساسي على ثلاثة أسس محورية: اختيار الكفاءات المتخصصة، ربط المسؤولية بالخبرة، وتفعيل آليات المحاسبة. هذه المبادئ لا تمثل فقط إطارًا إداريًا، بل هي ضمانات أساسية لتحقيق إدارة حكومية قادرة على التكيف مع التحديات المعاصرة وتحقيق التنمية المستدامة.
أولًا، يُعد اختيار المسؤول الكفء أمرًا بالغ الأهمية. فالحكومة التي تسعى إلى تحقيق أهدافها وتلبية تطلعات شعبها يجب أن تعتمد على أفراد ذوي كفاءة عالية، يمتلكون المعرفة والخبرة اللازمة في مجالاتهم. هذا التوجه لا يقتصر على الخبرات الأكاديمية فحسب، بل يشمل أيضًا القدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية مدروسة تتوافق مع احتياجات المواطنين وتواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية.
ثانيًا، لا تقتصر المسؤولية على اتخاذ القرارات، بل يجب أن تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بـالخبرة. فمن الضروري أن يتحمل المسؤولون عواقب قراراتهم ويُحاسبوا عليها بناءً على نتائج ملموسة، لا على النوايا أو التوقعات. إن ربط المسؤولية بالخبرة يضمن أن تكون القرارات متوازنة، مدروسة، وواقعية، بما يسهم في تحقيق التقدم المنشود وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وأما الأساس الثالث، فهو المحاسبة، التي تشكل ركيزة أساسية لنجاح أي حكومة. فالمحاسبة ليست فقط عملية رقابية، بل هي آلية لضمان الشفافية والنزاهة في تنفيذ السياسات العامة. إن وجود آليات محاسبة صارمة وفعّالة يسهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، ويحفز المسؤولين على تقديم أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة. المحاسبة تعني أيضًا مراجعة مستمرة للأداء الحكومي، والتأكد من تحقيق الأهداف المحددة، والقيام بتعديلات عند الضرورة.
إن الجمع بين الكفاءة، المسؤولية، والمحاسبة يشكل الأساس الذي يضمن حسن سير العمل الحكومي ونجاحه على المدى الطويل. حيث إن الحكومة التي تسعى إلى تحقيق تقدم مستدام يجب أن تبني منظومتها على هذه المبادئ، بما يعزز الأداء المؤسسي ويواكب تطلعات الأمة. إن إرساء هذه المبادئ على أرض الواقع يتطلب رؤية استراتيجية، والتزامًا قويًا من القيادة السياسية بمتابعة سير العمل وتفعيل آليات التقييم والمراجعة المستمرة.
في النهاية، لن تكون الحكومة القادرة على مواجهة التحديات سوى تلك التي تقوم على أسس متينة، تتمثل في اختيار الأشخاص الأكفاء، والربط الفعّال بين المسؤولية والخبرة، وتنفيذ آليات محاسبية تضمن تحقيق الأهداف والمضي قدمًا في مسار التنمية الشاملة.
