الواحات والمجال القروي بين الرؤية الملكية وإكراهات التفعيل

ادارة النشر11 أكتوبر 2025آخر تحديث :
الواحات والمجال القروي بين الرؤية الملكية وإكراهات التفعيل

لطيفة الطويلب .
شدد جلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطابه الأخير بقبة البرلمان خلال إفتتاح الدورة التشريعية ليومه 10 شتنبر 2025 والذي عبر عن إرادته القوية والواضحة للنهوض بالمجال القروي، وبشكل خاص بالمناطق ذات الخصوصية الإيكولوجية والاقتصادية كالمجالات الواحية والمناطق الجبلية. القروية . هذه المجالات، التي كانت ولسنوات طويلة خارج أولويات التنمية، أصبحت اليوم في صلب الرؤية الملكية ما فتئ أن تم وضع خارطة الطريق لها من خلال النموذج التنموي الجديد، باعتبارها خزانا طبيعيا وثقافيا وإنسانيا لا يمكن إهماله في أية استراتيجية تنموية وطنية.

الرؤية الملكية في هذا السياق ليست مجرد إعلان نوايا، بل اختيارات عملية تجسدت في إطلاق برامج مهيكلة، تهدف إلى محاربة الفوارق المجالية والاجتماعية، وتحسين ظروف العيش، وتثمين الموارد الطبيعية والمحلية ودعم الفلاحين والتعاونيات والنساء القرويات والشباب. كما أن المبادرات التي أطلقتها الدولة بتوجيهات ملكية سامية، مثل البرنامج الوطني لتقليص الفوارق المجالية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومخطط الجيل الأخضر، كانت كلها موجهة بشكل كبير للعالم القروي.

لكن، وعلى الرغم من أهمية هذه المبادرات، فإن التحدي الأكبر لا يزال قائما، ويتجلى في بطء تنفيذ البرامج على الأرض، وضعف التنسيق بين المؤسسات، وعدم إشراك الساكنة المحلية في اتخاذ القرار وتحديد الأولويات. إن التوجيهات الملكية تنص صراحة على ضرورة إشراك المواطنين في السياسات العمومية، وعلى أهمية العدالة المجالية في تحقيق التنمية المتوازنة. ومع ذلك، لا تزال بعض المناطق القروية والواحاتية تعاني من التهميش، وغياب البنيات التحتية الأساسية، وشح فرص الشغل، وهشاشة الفلاحة المحلية التي تواجه تهديدات المناخ والماء والهجرة.

تنمية الواحات ليست مجرد مشروع بيئي أو اقتصادي، بل هي كذلك معركة من أجل الكرامة والعدالة الإجتماعية. فهذه المناطق تعرف دينامية مجتمعية وثقافية خاصة، تحتاج إلى حماية وصون، وإلى تجديد وسائل العيش دون المساس بتوازناتها الهشة. وهنا تبرز أهمية التبليغ والتتبع، أي أن تكون هناك آليات فعلية لضمان وصول التوجيهات الملكية إلى المستوى الترابي، وتحويلها إلى خطط وبرامج قابلة للتنفيذ والتقييم.

إن الإرادة الملكية واضحة ولا تحتمل التأويل، ولكن نجاحها رهين بإرادة مسؤولي الجهات والجماعات والإدارات،وكل الفاعلين الجمعويين والإعلاميين وقدرتهم على التجاوب مع توجيهات عاهل البلاد، لا من باب الترويج السياسي، بل من منطلق وطني وإنساني يحترم حق كل مواطن في الاستفادة من ثمار التنمية، مهما كان موقعه الجغرافي أو حالته الاجتماعية..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة