ادريس طيطي
“اعترافات خطيرة أم بحث عن البوز؟”
لا يمكن أن يمر مرور الكرام،. إنه مقطع من فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه يحمل في طيّاته ما لا يمكن التغاضي عنه. شخص يُرجّح أنه عون سلطة سابق أو متقاعد، يخرج بتصريحات علنية وجريئة، تثير الكثير من التساؤلات حول ما كان يجري خلف الستار داخل منظومة من المفترض أنها تحفظ الأمن والنظام.
يبدأ الفيديو بجملة صادمة: “(المقدم معندو تازفة)”، في محاولة واضحة لتبرير ما سيرد لاحقاً. المتحدث يتحدث عن دور “المقدم” باعتباره “(بركاك، خدام غير بالتسمسير، حاضي الطالعة والهابطة)”، وهو توصيف اختزالي خطير يُسقط المهنة في وحل الاتهام العام، رغم أن الواقع لا يمكن تعميمه.
ثم تتوالى التصريحات بشكل أكثر خطورة:
“(كنقيل ندور الصباح والعشية، العساسة كندور عندهم ف الليل، وعاطيهم التليفونات، لي دخل شي ياجورة خصو يعلمني… إلى معلمنيش، ندير ليه الصابونة، نصيفطو الحبس، ندير ليه مونتيف)”.
هذا الاعتراف وحده كافٍ لفتح مسطرة تحقيق، لأنه يُلمح إلى تلفيق التهم واستخدام السلطة بشكل تعسفي ضد من يرفض التعاون.
لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. المتحدث يربط هذه السلوكات بجهات عليا في الإدارة الترابية والأمنية، فيقول:
“(غادي نقولها القايد، هذا يعني العساس مكيتعاونش معانا وكيدبرو عليه، راه واحد دخل الياجور كدا من هنا كدا من لهيه، كنديرو ليه قالب، كنديرو بيه تقرير، كيجيو البوليس، كيلبقو ليه مونتيف خر ديال السرقة، نصيفطوه، ونجيبو واحد خر)”.
هل من المنطقي أن تمر هذه الأقوال دون فتح تحقيق؟ هل بلغ بنا الاستهتار حد القبول بمحتوى كهذا تحت ذريعة “حرية التعبير” أو “البوز”؟
وحتى في محاولته للبحث عن الأعذار، يقول إنه مضطر:
“(كندور على الواجهات، والباعة، والشراية، والقهاوي، خصني المرفودة ديال القهاوي… البني، لي عندها البلان ولي معندهاش، كناخد المرفودة من أي واحد، لي حاط شي حادة برا، كنمشي نفيلو)”.
ثم يُلخص الدور كله بجملة “(المقدم خدمتو الفيلة)”، مشيرًا إلى أن “القائد هو لي كيقول لي جيب لي، ويهددنا كاملين باش نجيبو ليه”.
بين ما هو اعتراف خطير أو تهريج بحثًا عن الشهرة، تبقى الرسالة واضحة: هذا الفيديو لا يمكن تجاهله. فإما أن تخرج الجهات المختصة لتكذّب ما ورد فيه رسميًا وتوضح للرأي العام، وإما أن تفتح تحقيقًا نزيهًا، وتستدعي المعني بالأمر للاستماع إليه، والتحقق مما نسبه لنفسه ولغيره، ومعرفة من كذب ومَن صدق.
لأن صمت السلطات في مثل هذه القضايا، هو الذي يُغذي فقدان الثقة، ويُمهّد الطريق للفوضى الأخلاقية والإدارية.