ادريس طيطي
في حياتنا اليومية، نمر بمواقف تتطلب منا شيئًا من التريث والتفكير المتزن قبل اتخاذ أي موقف. من بين هذه الحالات المتكررة، مسألة التعامل مع حراس السيارات المنتشرين في الشوارع دون تراخيص قانونية. موضوع شائك، يحمل في طياته أبعادًا اجتماعية وإنسانية، إلى جانب إشكالات قانونية تستوجب التوقف والتأمل.
في الأصل، تنظيم مهنة حراسة السيارات يخضع لضوابط قانونية، ويُفترض أن لا يزاولها إلا من يتوفر على ترخيص رسمي من الجهات المختصة. لكن الواقع يضعنا يوميًا أمام أشخاص يمارسون هذا النشاط خارج أي إطار قانوني، ما يطرح تساؤلات حول مشروعية تقاضيهم لمقابل مادي، بل ويضع المواطن أحيانًا أمام نوع من الابتزاز غير المباشر.
ورغم ذلك، قد نجد أنفسنا أمام حالات تستدعي التعاطف لا المواجهة. شخص مسن، أو آخر في وضعية إعاقة، أو شاب تظهر عليه علامات الحاجة الواضحة، هؤلاء لا يملكون قوت يومهم إلا بما يجود به أصحاب السيارات. هنا، لا يصبح الأمر مجرد حراسة، بل مشاركة في التخفيف من معاناة إنسانية، ودعم لأسرة قد تكون هذه القطعة النقدية قوتها الوحيد.
في المقابل، هناك من يستغل هذا الواقع لمآرب أخرى. شباب في كامل طاقتهم، يتعاملون بوقاحة، ويطالبون بمقابل دون وجه حق، ويُستشف من سلوكهم أن ما يُجمع يُصرف في المخدرات أو الممنوعات. في هذه الحالة، لا بد من موقف صارم: لا دعم ولا تساهل، بل تنبيه أو حتى إبلاغ الجهات المعنية، دفاعًا عن الحق، وتفاديًا للمشاركة في تغذية ظواهر منحرفة.
الميزان في يد كل واحد منا. علينا أن نزن الأمور بعقلانية، نُفرق بين من يستحق ومن لا يستحق، ونساهم، بما نستطيع، في خلق نوع من التوازن بين الرحمة والحزم. فالتصرف بحكمة في هذه الحالات ليس فقط حقًا، بل مسؤولية مجتمعية وأخلاقية.؟