متابعة /ادريس طيطي
تستقبل العاصمة المغربية الرباط غداً الإثنين 28 أكتوبر 2024، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام بدعوة من الملك محمد السادس، في خطوة تكتسي طابعاً سياسياً واستراتيجياً مهماً في مسار العلاقات بين المغرب وفرنسا. هذه الزيارة التي تُعتبر إحدى أبرز المحطات الدبلوماسية في العام، تأتي بعد أشهر من قرار باريس الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء، في رسالة تاريخية وجهها الرئيس الفرنسي إلى العاهل المغربي، ما يؤسس لعهد جديد من الشراكة المثمرة.
تنطلق زيارة الرئيس ماكرون برفقة السيدة الأولى بريجيت ماكرون بعد ظهر يوم الإثنين، حيث سيصلان إلى ساحة المشور بالقصر الملكي بالرباط. وسيُستقبل الضيف الفرنسي بمراسم رسمية على الساعة الخامسة والنصف مساء، قبل لقاء ثنائي بين الزعيمين على الساعة 6:45 مساءً، يتبعه حفل توقيع اتفاقيات ثنائية يعكس الطموح الكبير لدى الطرفين في تحقيق إنجازات ملموسة.
يشهد اليوم الثاني، الثلاثاء 29 أكتوبر، سلسلة من اللقاءات المهمة، بدءاً باستقبال الرئيس الفرنسي لعدد من المسؤولين المغاربة، يتقدمهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين. بعد ذلك، سيقوم ماكرون بزيارة لضريح محمد الخامس تكريماً للملك الراحل محمد الخامس، قبل أن يلقي كلمة أمام أعضاء البرلمان في جلسة مشتركة. وسيختتم الرئيس الفرنسي يومه بغداء يجمعه بوفد من المثقفين المغاربة والفرنسيين، يعقبه اجتماع لرجال الأعمال من كلا البلدين، لتعزيز الشراكة الاقتصادية.
مساء الثلاثاء، يُقيم الملك محمد السادس مأدبة عشاء رسمية احتفاءً بالرئيس ماكرون وزوجته، في رسالة واضحة على عمق العلاقات بين الدولتين، والعزم على تجديد الشراكة الثنائية.
في اليوم الثالث والأخير، الأربعاء 30 أكتوبر، سيناقش ماكرون وطلاب مغاربة وأفارقة قضايا الأمن الغذائي والزراعة المستدامة في إفريقيا، بمقر مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، حيث يسعى المغرب وفرنسا لدعم الجهود المشتركة في تحقيق التنمية المستدامة بالقارة الإفريقية.
سيختتم الرئيس الفرنسي زيارته بكلمة أمام الجالية الفرنسية بالمغرب في مقر إقامته بالرباط، حيث يُرتقب أن يوجه رسائل حول تعزيز الروابط الثقافية والاقتصادية بين الجالية الفرنسية والمجتمع المغربي.
الاعتراف بمغربية الصحراء: خطوة طوت صفحة الخلاف
يعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء منعطفاً استراتيجياً طوى صفحة التوترات الدبلوماسية بين البلدين التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات. وقد اتسمت تلك الفترة بأزمات تتعلق بالتأشيرات، وتبادل الاتهامات بالتجسس، بالإضافة إلى توترٍ أثاره تعامل فرنسا مع كارثة الزلزال في الأطلس الكبير عام 2023. وبفضل الخطوة الجريئة لباريس في دعم سيادة المغرب على صحرائه، تجددت آفاق التعاون الدبلوماسي والاقتصادي بين البلدين.
تُعد زيارة ماكرون فرصة محورية لتطوير خارطة طريق جديدة للعلاقات الثنائية، تُرسخ أولويات استراتيجية تتعلق بالأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، والتعاون الأكاديمي والثقافي، إضافة إلى تعزيز التعاون الأمني في مواجهة التحديات المشتركة.
تأتي هذه الزيارة كرسالة واضحة من باريس على أنها شريك استراتيجي للمغرب، مستعدة للمضي قدماً في تنفيذ مشاريع تنموية طموحة تجمع بين البلدين. كما تؤكد هذه الزيارة العزم المتجدد على تعميق العلاقات التاريخية وبناء شراكة نموذجية تلبي تطلعات شعبي البلدين، وتستجيب لتحديات المنطقة واحتياجات التنمية في إفريقيا، لتصبح العلاقات المغربية-الفرنسية نموذجاً يحتذى به في التعاون الإقليمي.