عبدالإله شفيشو/فاس
يقـــول القــــانـــون: إن مسألة حماية الأطفال في زمن الحرب مسألة مكرسة في القانون الدولي الإنساني ويوفر القانون الدولي الإنساني حماية عامة لجميع المتضررين من النزاعات المسلحة ويتضمن أحكاما تتعلق خصوصا بالأطفال، ويجب ألا يكون الأطفال هدفا للهجمات بأي حال من الأحوال ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية، ويجب أن يعاملوا بإحترام وحماية خاصين ويشمل ذلك الحصول على التعليم والغذاء والرعاية الصحية وإتخاذ تدابير محددة لحماية الأطفال المحرومين من حريتهم والمنفصلين عن أسرهم، وينصّ قانون حقوق الإنسان بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل (1989) وبروتوكولها الإختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة على وجه التحديد على الحاجة إلى حماية الأطفال من آثار النزاعات المسلحة.
والعالم يحتفل باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر من كل سنة والذي دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة 1977، تبقى معاناة الأطفال من الحروب لا تتوقف بتوقف المدافع بل تصاحبهم إلى مراحل متقدمة من أعمارهم، فمذbحة (قانا) التي مر عليها حوالي عشر سنوات لا يزال الأطفال الذين عايشوها يعانون من إضطرابات نفسية ففي بحث أجراه صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” بالتعاون مع وزارة التعليم اللبنانية على 500 طفل لبناني ممن عايشوا أو شاهدوا تلك المذbحة تبين أن 30% من هؤلاء الأطفال لا يزالون يعانون من إضطرابات النوم، و14% يعانون من الاكتئاب، و40% منهم فكروا في الإنت7ار، ويقول الأطباء النفسانيون عن أطفال لبنان وفلسطين ربما لن يشفوا من هته الإضطرابات النفسية التي تسببها لهم الصور المختزنة في أذهانهم عن مشاهد الموت والدمار التي عايشوها فكما يقول الدكتور “فتحي الشرقاوي” أستاذ علم النفس فإن المشاهد التي يراها الطفل بين سن الثالثة والسابعة تشكل شخصيته وتؤثر في سلوكه ولذلك فإن مشاهد الجثث الم7ترقة والمنازل المهدمة يختزنها الطفل في عقله الباطن فتفقده طفولته وعفويته، فالآثار السلبية لتلك المشاهد لا تنتهي بنهاية مرحلة الطفولة بل تشكل منظارا يرى الطفل العالم من خلاله ولأن الأطفال لا يفهمون مبررات الحرب كما يفعل الكبار فإنه لا سبيل أمامهم للتعبير عن تأثرهم بما يعانون ويعايشون ويرون من تلك الحرب إلا الإنطواء والتوجس أو التبلد أو العدوانية.
والعالم يحتفل باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر من كل سنة والذي دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة 1977، لا تكاد تمضي دقيقة واحدة إلا وتنتشر صور وقصص مرعبة عن أطفال عالقون تحت الحطام في فلسطين ، طفل يرتجف من الخوف قبل أن ينفجر بالبكاء بعدما غمره أحد المسعفين، طفل يستعان به للتعرف على جثث عائلته بعدما أبيدت لكنه وحده نجا، طفلة تئن من ألمها على سرير المستشفى، خديج يلد من رحم أمه الميتة ويقبع وحيدا في الحاضنة الزجاجية إذ لم يتبق له أحد ليسأل عنه لأن عائلته بكاملها ماتت تحت الردم …، فهذه حقيقة دامغة لا يمكن تجاهلها هي أن ما يتعرض له الأطفال في فلسطين أبعد وأعمق من أي صورة ترصد الوجوه والأجساد هي مقدمة لإbادة جماعية ولا بد أن نشير هنا إلى أن جرائم الحرب والإbدات الجماعية على أشكالها وبغض النظر عن الإثنيات والأعراق والأماكن إحدى الصفحات الأكثر ظلامية في تاريخ البشرية ووصمة عار تلاحق مرتكبيها وعلى الرغم من توثيق الدمار وأعداد القتلى خلال هذه الأحداث يبقى تأثيرها على الأطفال المتوارثة عبر الأجيال عميقا ومتعدد الأبعاد.
والعالم يحتفل باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في 29 نوفمبر من كل سنة والذي دعت له الجمعية العامة للأمم المتحدة 1977، يبقى إستهداف الأطفال في الحرب الراهنة على فلسطين ليس مصادفة أو ما يعرف collatéral damage بل هو متعمد ومقصود فالإنتهاكات الحاصلة متعددة الأشكال وعنيفة إلى حد يفوق قدرة الأطفال على تخطّي الأزمات وإن كان عدد القتلى في فلسطين إلى الآن لا يحتمل أي تأويل أو تستّر، والمخيف أن ما يتعرض له الأطفال اليوم يتم بمباركة عالمية وتحت شعار القضاء على الإرهاب فكيف لنا أن نتعامل مع هذا القتل الممنهج؟ وكيف لنا أن نوازي بين الأخلاقيات الإعلامية ومسؤوليات إعلاء الصوت من دون النزول إلى مستنقع الإستثمار في مأساة الأطفال كأداة إدانة؟ ألا تكفي الإحصاءات والأرقام والحقائق لردع القاتل ومحاسبته؟، ولربما تكون المعادلة الأخلاقية صعبة والتنازلات تفرض نفسها في ظل تضليل إعلامي مضلل وفي الوقت المستقطع تبقى عيون أطفال العالم شاخصة في وحشية القاتل التي لا قعر لها، ونحن نشهد.