عند تعيين نزار بركة وزيرًا للتجهيز والماء، استبشر الأعوان المؤقتون بالوزارة خيرًا، متأملين في تحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية. تجسّد هذا التفاؤل في بعض المذكرات والتحركات التي بدت وكأنها بداية لإصلاح طال انتظاره. شعر الأعوان بأن حقوقهم الدستورية ستُحترم أخيرًا، وأنهم سيحصلون على تغطية صحية، ورخص طبية، وعطل سنوية، وإطار قانوني يُنصفهم بعد سنوات من التهميش.
لكن مع مرور الوقت، تلاشت تلك الآمال. تصريحات الوزير في البرلمان عن متابعته الشخصية لهذا الملف لم تترجم إلى واقع ملموس. أصبح واضحًا أن الوزير يفتقر إلى السلطة على المديريات الجهوية، حيث يتصرف كل مدير بمعزل عن التوجيهات المركزية. بل تفاقم الوضع إلى حد تهديد بعض المديرين للأعوان بالطرد، وتقليص رواتبهم، وترك بعض الموظفين يتلاعبون بحقوقهم دون رادع.
في مديرية كلميم، يُجبر الأعوان على العمل تحت مظلة الإنعاش الوطني، برواتب زهيدة لا تكفي حتى لتغطية احتياجاتهم الأساسية. ورغم انتمائهم لوزارة التجهيز، لم يتمكن الوزير من تسوية وضعيتهم أسوة بزملائهم في باقي المديريات. أما في مديرية مكناس، فدخل الأعوان شهرهم الثالث دون تلقي رواتبهم، وهو حال مشابه لأعوان مديرية ميسور، الذين رغم خروجهم من الإنعاش، لا يزالون يعانون من أزمات مالية وتأخر في صرف مستحقاتهم. وفي وجدة، تستمر التلاعبات بالرواتب وتُفرض قرارات داخلية مجحفة دون حسيب أو رقيب.
أما في مديرية خريبكة، فالوضع لا يختلف كثيرًا، حيث لا يزال العديد من الأعوان بدون رواتب للشهر الثالث على التوالي، فقط لأنهم رفضوا تلقي مستحقاتهم بالباريم القديم. وبدلًا من إيجاد حل لمشكلتهم، كان الرد الصادم من بعض المسؤولين: “من لم يرد راتبه، لا يهمنا!”، في تعبير واضح عن التجاهل التام لمعاناتهم وكأنهم ليسوا جزءًا من الوزارة.
المؤسف أن الوزير لم يُعر هذه الفئة أي اهتمام يُذكر، رغم دورها الحيوي في خدمة الوزارة خلال الأوقات العصيبة التي مرت بها البلاد. تجاهل الوزير للرسائل المتكررة من الجمعية الوطنية للأعوان المؤقتين بوزارة التجهيز، والتي تضمنت طلبات لعقد لقاءات لمناقشة قضاياهم ومطالبهم، يعكس عدم اعترافه بمطالبهم المشروعة، مما زاد من شعورهم بالظلم والإقصاء.
وفي ظل هذا التجاهل، يتساءل الأعوان: لماذا يُحرمون من الزيادة التي نص عليها منشور الحكومة في يوليوز 2024؟ كيف يُعقل أن ينتظروا تحسين أوضاعهم المالية، ليتفاجؤوا بالتلاعب بأجورهم واجتهادات المديريات في إذلالهم ودفع رواتبهم بطرق مهينة؟
ختامًا، هل سيظل الوزير صامتًا أمام معاناة هذه الفئة التي تعمل في صمت وتفانٍ؟ هل سيستمر في تجاهل أصواتهم ومطالبهم المشروعة؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات غائبة، والأعوان ينتظرون بفارغ الصبر أن يُنصفوا قبل فوات الأوان.