حضي الشهر العظيم باهتمام كبير لدى المغاربة منذ الأزل, واعتبروه ركنا أساسيا لايزيغون عنه قيد أنملة,وخصوه بعناية فائقة, تقربا لله تعالى, واتخذوه نقطة انطلاق نحو الله تعالى, حيث يقلعون عما من شأنه ان يكدر صفو عبادتهم, كالتدخين,والكذب, وو وسموه شهر التوبة والغفران .
وتستعد الأسر القروية لاستقباله,وفقا لتقاليد وعادات معينة, كتهييئ الخميرة الحامضة من طرف النساء,من خلال البحث عن اللواتي يخزنها انطلاقا من السنوات الفارطة, يستعملنها في الحريرة ,وإعداد الخبز. أثبت العلم مؤخرا قيمتها الصحية, إضافة إلى جمع التين المجفف إذا ما صادف رمضان فصل الصيف ويدعى هذا النوع ( مزيويرة).ويقمن بجمع الحطب الذي يكفيهن مدة الشهر المبارك.
لم تتوفر لدى أجدادنا بالبوادي المغربية وسائل التواصل الإجتماعي من هاتف وأنترنيت وتلفاز أوساعة ,باستثناء تواجد المذياع لدى بعض الاعيان. لذا كانوا يعتمدون في رؤية الهلال على قوة بصرهم,حيث يعلمون جيدا إحداثيات المراقبة.وتتم الرؤية بالعين المجردة وتلك مقاربة دينية, فينشرون الخبر فيما بينهم, باستعمال صوت البنادق معلنين عن مشاهدته بإطلاق خمس طلقات.باعتبار تركيبة المجتمع القروي القبلية المتماسكة ,التي تنصت لرأي الرماة وشيوخ القبيلة. أما وقت الإفطار فيراقبون أفول الشمس حتى المغيب. وينشرون الخبر باستعمال الطنطنة على أدوات حديدية رنانة مثل قرص المحراث الذي يرجع الصدى,ويتسابق الأطفال لنيل سبق الإعلان تحت مراقبة الوالدين. وحين الإنتهاء من وجبة الإفطار,يحاول الإنسان القروي خلق جو من الفرجة الخلاقة وسط أبنائه,بعد أداء صلاة المغرب, من خلال سرد حكايات شعبية وأمثلة شعبية أو بطولات عرفها الأجداد,لبناء شخصية الأطفال وغرس مجموعة من القيم في نفوسهم. واللجوء إلى طرح الألغاز لتنمية قدراتهم الذكائية.
وينتقل الأطفال خارج منازلهم لمشاركة أبناء الجيران والعشيرة سمرهم, بألعاب شعبية مثل :” لعبة سرسر” أو الغميضة .أما الاعيان فكانوا يتحلقون حول المذياع للإستماع لتمثيلية الأزلية التي كان يقدمها المرحوم حسن الجندي( سيف ذي يزل).وينقلون فحواها لأقرانهم في الخارج.
وحين عودة الأطفال والشباب من سمرهم يوقضون أمهاتهم ليهيئن وجبة السحور,
يتم تدبير الزمن الرمضاني بهذا الشكل إلى حين وصول عيد الفطرحيث تتم مراقبة هلال شهر شوال بنفس الطريقة التي تم اعتمادها في رؤية هلال شهر رمضان. وتجد الآذان تنتظر طلقات الرصاص ,إيذانا بانتهاء الشهر الفضيل, لتنطلق المعايدة ليلا مع الإستعدادات للإحتفال بعيد الفطرصباحا………..يتبع
ذ.إدريس الكرش
باحث في التراث
15رمضان 1445ه/26مارس2024