الحصاد 24

خطاب الكراهية في خدمة الطوابير: من سمح لبونيف بالتمادي ؟

alt=

إدريس طيطي

احيانا يصعب علينا كبح جماح الغضب، حين نرى اشخاصا يتمادون في الاساءة، ويتعمدون السقوط في مستنقع الانحطاط الاخلاقي، الى حد يصبح فيه العهر والدناءة “وظيفة رقمية” لبث السموم.

احد ابرز هذه النماذج هو المدعو بونيف، شخصية فرضت على المتابعين في الفضاء الازرق، لا بقوة الفكر او عمق التحليل، بل بقدرته على اثارة الجدل الرخيص، والتطاول على المغرب ومؤسساته، وخصوصا رمزه الاعلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

ما يثير الاستغراب ان هذه الشخصية التي تتقن فن الشتيمة وترويج المغالطات، تجد لها حيزا واسعا في المشهد الرقمي الجزائري، ويتم دفعها الى الواجهة كما لو كانت “منبرا رسميا”، رغم افتقارها لابسط شروط الموضوعية او الاحترام او حتى التربية السليمة.

ويتساءل المتابع العربي والعاقل الجزائري قبل غيره:
هل من المعقول ان تعتمد دولة بحجم الجزائر على شخص بهذه المواصفات المنحطة لتشكيل وعي جماعي؟
هل يُعقل ان يتم تسويق هذا الشخص كصوت وطني، بينما كل ما يفعله هو سب المغرب والمغاربة، والتطاول على رموزهم، باسلوب يخدش الحياء ويُظهر حقدا دفينا؟

والادهى من ذلك، ان هذا الشخص يبدو انه صدق كذبة نفسه، وتمادى في وهمه لدرجة انه صار يظن ان جلالة الملك محمد السادس سيرد عليه!
وهنا نُذكر هذا المعتوه ومن وراءه:
جلالة الملك لا يرد على الحثالة، ولا يُنزل مقامه السامي لمستنقع التفاهة، لان الملك مشغول ببناء وطن، لا بتفاهات من يعجز حتى عن تهذيب لسانه.
وان كان بونيف لم يُردع الى حدود اليوم، فذلك لان الجهات التي من المفترض ان تضع له حدا، لم تفعل، ما يجعلنا نُرجّح ان الضوء الاخضر الذي يتصرف به صادر من نفس الجهة التي يُفترض بها ضبط الفوضى، لا تغذيتها.

في الوقت الذي يُفترض فيه ان تنشغل الجزائر بايجاد حلول لازماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، نراها – او بعض اطرافها – تتيح لمنابر السبّ والقذف ان تتصدر الواجهة، في محاولة يائسة لالهاء الشعب الجزائري عن مشاكله الحقيقية، وعلى راسها:

الطوابير الطويلة من اجل الحليب والزيت

ازمة السكن، البطالة، وانسداد الافق

الانكماش الاقتصادي وفقدان الثقة في المستقبل

وفي المقابل، يُستخدم المغرب كفزاعة خارجية لتوجيه الغضب الشعبي بعيدا عن المسؤول الحقيقي.
وفي قلب هذا السيناريو التضليلي، يظهر “بونيف” كأداة تنفيذ، يكرر مزاعم وتهديدات جوفاء، من قبيل “قوة الجزائر العسكرية” و“امكانية غزو المغرب في ساعة واحدة”… بينما يعلم كل عاقل ان ترديد هذه الخرافات لا يُغيّر شيئا من الحقائق الجيوسياسية الراسخة.

المغرب لا يرد على امثال بونيف، لانهم ببساطة لا يستحقون الرد. لا يُعير الانتباه لمن باع كرامته مقابل تفاعل او تمويل مشبوه.
اما الجزائر، فان كانت جادة في حفظ سمعتها، فعليها ان تُحاسب هذا الشخص وتحاسِب من يدعمه، لان السكوت عنه يُعتبر تواطؤا صريحا، واعتداء سياسيا غير معلن.

Exit mobile version