المستشار الدكتور/ حسن بن ثابت
جاء قرار محكمة النقض المغربية
عدد 1/828 المؤرخ 2015/06/10، ليحسم بدقة مسألتين على قدر من الأهمية في العمل القضائي، تتعلق أولاهما بحجية التسجيلات الهاتفية التي يقدمها المشتكي، وثانيتهما بحدود سلطة المحكمة في إعادة تكييف الأفعال.
أكد القرار أن قيام المشتكي بتسجيل مكالمات هاتفية تخص موضوع شكايته، بقصد استجماع عناصر الإثبات، لا يخضع لمقتضيات المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية، لأن هذه المادة تنظم حصريًا التقاط المكالمات من طرف الضابطة القضائية أو قاضي التحقيق في إطار البحث التمهيدي أو التحقيق الإعدادي، وهو إجراء يستوجب إذنًا قضائيًا مسبقا. أما التسجيل الذي يجريه المشتكي بصفة شخصية وبغرض مشروع، فلا يعد مخالفًا للقانون، ما دام الهدف منه الدفاع عن حقه دون المساس بالحياة الخاصة للغير. وتبقى للمحكمة السلطة التقديرية في تقييم هذه التسجيلات وقبولها أو استبعادها بحسب ظروف القضية.
كما أكد القرار أن سلطة المحكمة في إعادة التكييف يجب أن تمارس في نطاق الجرائم المماثلة أو المتقاربة، مع وجوب إشعار المتهم أو دفاعه بالتكييف الجديد حتى يتمكن من إعداد دفاعه وفق المعطيات المستجدة. وإغفال هذا الإشعار يشكل إخلالًا بحقوق الدفاع ومساسًا بمبدأ المواجهة.
إن هذا الاجتهاد يكرس رؤية قضائية متوازنة تضمن العدالة والإنصاف، إذ يوفق بين حماية الخصوصية وحق الدفاع، ويؤكد أن تطبيق القانون ينبغي أن يتم بروحه لا بحرفيته، تحقيقًا لجوهر العدالة التي تقوم على الإنصاف وصيانة الحقوق.










