كأس العالم المغربية… مرآة القلوب بين الطيبة والحقد

ادارة النشر21 أكتوبر 2025آخر تحديث :
كأس العالم المغربية… مرآة القلوب بين الطيبة والحقد

بقلم:  إدريس طيطي

لم يكن فوز المنتخب المغربي لأقل من عشرين سنة بكأس العالم مجرد انتصار كروي، بل كان حدثا تاريخيا أعاد رسم خريطة الفخر في العالم العربي والإفريقي. لم يكن أحد يتوقع أن يرفع شباب المغرب الكأس العالمية، لكن العزيمة والإصرار والإيمان حولت الحلم إلى حقيقة، وجعلت من المغرب حديث العالم بأسره.
فوز المغرب لم يكن مغربيا فقط، بل كان عربيا وإفريقيا بامتياز. لقد شعرنا بأن كل الشعوب تحتفل معنا:
من مصر التي عاشت الفرح كأن منتخبها هو من توج باللقب، حيث امتلأت القنوات بتحليلات تشيد بالكرة المغربية وبثقافة الاحتراف التي ميزت أداء اللاعبين. خرج المصريون إلى الشوارع، وامتلأت صفحات التواصل بالتهاني والحب، في مشهدٍ يجسد الأخوة الحقيقية بين بلدين يجمعهما التاريخ والمصير.
ومن إفريقيا السمراء، تعالت الأغاني من السنغال إلى نيجيريا. خصص الفنانون السنغاليون أغنية جميلة تمجد “أسود الأطلس” وتغني للمغرب بفرح قاري صادق. لقد أحس الأفارقة أن الكأس إفريقية الروح، مغربية اللون، وأن هذا الانتصار هو انتصار للقارة بأكملها.

أما من وراء المحيط، فقد جاءت التهاني من تشيلي والبرازيل، ومن مختلف دول أمريكا اللاتينية، التي تحدّثت صحفها عن “المعجزة المغربية” وعن “المدرسة الجديدة في كرة القدم العربية”. وفي أوروبا، أشادت التحليلات بالانضباط الفني، وبالنهضة الكروية المغربية التي أصبحت نموذجًا يحتذى به.
وفي الخليج العربي، علت موجة من الفخر والاعتزاز. الإمارات خصصت حلقات تحليلية مطولة حول الإنجاز، وتحدث الإعلام القطري والسعودي عن المغرب كوجه مشرف للأمة العربية. لقد اقتسمت معنا هذه الدول الفرح، وكأنها من فازت بالكأس، فأثبتت أن الأخوة الحقيقية لا تقاس بالشعارات، بل بالمواقف الصادقة.

وسط هذا الطوفان من الحب والتهاني، برز الاستثناء المؤسف: الجزائر.
الجار الأقرب جغرافيا، والأبعد وجدانيا. بينما العالم يحتفل، اختارت بعض الأصوات هناك طريق الشك والعداء.
إعلام يروج الأكاذيب، ومؤثرون يزرعون الفتنة، وصفحات تشحن بالكراهية، في محاولة لتبخيس إنجاز لم يكن ضد أحد، بل من أجل الجميع. حتى وصل بهم الأمر إلى اتهام المغرب باختلاق “أزمة التذاكر” وشراء المقاعد لمنع الجزائريين من الحضور! إلى هذا الحد يمكن أن يعمينا الحقد عن رؤية الحقيقة؟
لقد كان الأجدر بالجزائر أن تفرح معنا، أن تشاركنا الفخر كجار وشقيق وأخ في الدين والتاريخ، لكنها اختارت طريقا آخر، طريقا يُفرق بدل أن يوحد.
ومع ذلك، يبقى المغرب بلد الفرح، بلد الإنجاز، وبلد الأخلاق الرياضية.
لقد فاز المغرب بالكأس، لكنه في الحقيقة فاز أيضا باحترام العالم، بحب الشعوب، وبمكانةٍ لا تشترى.
أما من آثر أن يعبس في وجه الفرح، فقد خسر ما هو أثمن من اللقب… خسر معنى الأخوة والإنسانية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة