الحصاد 24

حوار صحفي مع محمد زيات: أقاوم الابتذال لأحمي المعنى أجرى الحوار: إدريس طيطي

alt=

الحصاد24
محمد زيات، ممثل ومخرج ومؤطر مسرحي، من الأصوات التي اختارت أن تجعل من المسرح موقفا قبل أن يكون مهنة.
منذ بداياته الأولى ظل وفيا لخط فني واضح: مقاومة الابتذال، والبحث عن الجمال في الصدق لا في التصفيق.
اشتغل على تكوين الأجيال الشابة، وعلى إعادة الاعتبار للفعل المسرحي باعتباره مساحة للوعي والسؤال، لا مجرد فرجة عابرة.
في هذا الحوار التأملي، لا يجيب محمد زيات بصفته فنانا فحسب، بل بصفته إنسانا ما زال يرى في الخشبة آخر أشكال الحقيقة في زمن الزيف.

س: ما الذي يجعلك ما زلت تصعد إلى الخشبة رغم ما أصاب المسرح من تعبٍ وتهميش؟
ج:
أصعد لأنني لا أستطيع العيش خارج الضوء الذي يكشف لا الذي يبهر.
المسرح بالنسبة لي ليس مهنة ولا هواية، بل طقس حياة وموقف.
كلما شعرت أن الرداءة تمد أذرعها في المشهد، أعود إلى الخشبة لأذكر نفسي أن الفن لا يقاس بما يُصفق له الناس، بل بما يبقى في وجدانهم بعد انطفاء الأضواء.

س: تقول إنك تقاوم الابتذال… كيف تكون هذه المقاومة؟
ج:
المقاومة ليست صراخا ولا بيانات، بل اختيار.
أن تختار الصعب حين يكون السهل متاحا، وأن تشتغل بصدق حتى لو لم تدع إلى المهرجانات، وأن تظل مؤمنا بأن الجمال يحتاج إلى كفاح يومي.
الابتذال يغري بالشهرة، لكن الصدق وحده يمنح الخلود.

س: هل ما زلت تؤمن بأن المسرح قادر على التغيير؟
ج:
نعم، أؤمن، ولكن ليس بمعنى التغيير السياسي أو الاجتماعي المباشر.
المسرح يغيّر حين يحدث شرخا صغيرا في وعي إنسان، حين يزرع سؤالا بدل أن يقدم إجابة.
نحن لا نغيّر العالم، لكننا نحدث فيه ارتباكا جميلا يدفعه إلى التفكير.

س: كيف بدأت رحلتك مع المسرح؟
ج:
بدأت بالحلم… ثم بالدهشة.
كنت طفلا أندهش من الممثلين كيف يتحولون أمامي إلى آخرين.
لكنني حين وقفت لأول مرة على الخشبة، فهمت أن التمثيل ليس تقمّصا، بل تجريد من كل قناع.
المسرح لا يطلب منك أن تمثل، بل أن تكون صادقا حدّ العُري.
س: كيف ترى المشهد المسرحي اليوم في المغرب؟
ج:
مشهد متعب… لكنه لم يمت.
هناك أصوات حقيقية تشتغل في الظل، وهناك طاقات شبابية تبحث عن الطريق، لكن للأسف يُطغى على كل ذلك صخب المصالح والسطحية.
ما زلنا نحتاج إلى جرأة القول، وإلى مؤسسات تفهم أن المسرح ليس رقصة بروتوكولية في حفل دعم، بل ضمير وطن.

س: ما الرسالة التي تود توجيهها للممثلين الشباب؟
ج:
أن يتعلموا الصبر قبل الشهرة، وأن يثقوا في التمرين أكثر من العرض.
المسرح لا يحب من يأتيه متعجّلا.
الخشبة كائن حيّ، تحس من يمثل ليُرى، ومن يمثل ليقول.
اصنعوا أصواتكم ببطء، فكل صوتٍ حقيقي يولد من تعبٍ جميل.

س: وإن عدنا إلى الإنسان فيك، ماذا ما زلت تحلم به بعد كل هذه السنوات؟
ج:
أحلم بمسرح يعيد للإنسان إنسانيته.
بجمهورٍ يخرج من القاعة مختلفا عمّا كان عليه حين دخلها.
أحلم أن نظل نكتب ونمثل لا لننال التصفيق، بل لنحمي المعنى من التبذّل.
المسرح بالنسبة لي ليس ماضيا ولا مهنة… إنه استمرارٌ للصدق في عالمٍ يزداد زيفا.

Exit mobile version