بقلم المستشار الدكتور/ حسن بن ثابت
تفرض العديد من الدول قيودًا على ازدواجية الجنسية في المناصب الحساسة، حرصًا على حماية السيادة الوطنية وضمان ولاء كامل للدولة. وتأتي هذه السياسات من منطلق أن تعدد الولاءات القانونية قد يُعرّض القرارات السيادية لتضارب المصالح أو التدخلات الخارجية.
تعريف الجنسية في الفقه القانوني:
الجنسية هي صفة قانونية تُحدد انتماء الشخص إلى دولة معينة، وتُرتب عليه حقوقًا (مثل الحماية الدبلوماسية، وحق الإقامة والعمل) وواجبات (مثل أداء الخدمة العسكرية أو دفع الضرائب…). وتُعد هذه الصفة أساسًا في العلاقة بين الفرد والدولة، ومحورًا لفهم الانتماء القانوني والسياسي.
لأجل ذلك، ترى الكثير من الأنظمة القانونية الحديثة أن الجنسية المزدوجة قد تُفتح الباب أمام التأثيرات الخارجية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بمواقع القرار السياسي أو الأمني أو القضائي. فالمسؤول الذي يحمل جنسيتين قد يجد نفسه في موقف يُحتّم عليه الاختيار بين مصالح دولتين، ما قد يؤثر على استقلالية القرار الوطني.
على سبيل المثال، تشترط الولايات المتحدة أن يكون رئيسها مواطنًا أمريكيًا منذ الولادة، وهو ما يُغلق الباب قانونيًا أمام أي ازدواجية في الجنسية. أما أستراليا، فقد شهدت حالات إقالة نواب من البرلمان بعد اكتشاف حملهم لجنسية مزدوجة، في مخالفة صريحة للدستور. كذلك، تُلزم دول عربية مثل مصر والكويت كل من يشغل مناصب سيادية بأن يحمل جنسية واحدة فقط، ضمانًا للولاء الخالص للدولة.
ومن المهم التأكيد على أن هذه السياسات لا تستهدف الأفراد بحد ذاتهم، بل تسعى إلى تحصين المؤسسات السيادية من أي تأثير خارجي محتمل، وتكريس مبدأ استقلال القرار الوطني في المواقع العليا.











