“المسرح القنيطري بين الهوية والتهميش: قراءة في مداخلة الدكتور محمد صولة خلال اليوم الوطني للمسرح”

ادارة النشر16 مايو 2025آخر تحديث :
“المسرح القنيطري بين الهوية والتهميش: قراءة في مداخلة الدكتور محمد صولة خلال اليوم الوطني للمسرح”

ادريس طيطي /القنيطرة

في إطار الاحتفال باليوم الوطني للمسرح، الذي نظم بمدينة القنيطرة يوم 14 ماي 2025، قدّم الدكتور محمد صولة ورقة فكرية مهمة سلط من خلالها الضوء على واقع الممارسة المسرحية في القنيطرة، متناولاً السياق التاريخي للتأسيس، وتحديات الدعم، والمآلات التي آلت إليها الحركة المسرحية بالمنطقة.

مسرح القنيطرة في ظل الغياب التاريخي والتقسيم الجهوي

أكد الدكتور صولة أن الحديث عن الظاهرة المسرحية بالقنيطرة لا يمكن فصله عن السياق الجهوي الذي أدمجها ضمن محور الرباط-سلا، مما غيّب خصوصيتها، وطمس ملامحها الثقافية. وأشار إلى أن الوثائق الرسمية غالباً ما تُرجّح كفة الرباط وسلا عند تناول البدايات المسرحية بالمغرب، متجاهلة مساهمات القنيطرة، التي وإن لم تنشئ فرقًا مسرحية قبل 1953، فإنها عرفت أشكالاً فرجوية تمهّد لممارسة مسرحية، مثل طقوس الحلقة، وفنون القول، وطقوس الاحتفال والمواسم، والأنشطة ذات الطابع الشعبي والديني كالعيساوة وعبيدات الرمى.

من التقليد إلى التأسيس المسرحي

أوضح المتدخل أن القنيطرة لم تكن منعزلة عن الحركية المسرحية التي عرفها المغرب، حيث قام بعض المسرحيين المحليين بنقل تجارب وتكوينات مسرحية من الرباط، غير أن انغماسهم في الوظائف الإدارية أضعف اهتمامهم بالفرجة، عكس الرباط التي احتضنت فضاءات وبنيات ثقافية متطورة، مما جعل منها مركزًا إشعاعيًا للمسرح.

مسرح الهواة ومرحلة التحول

عرف المسرح القنيطري منعطفًا مهمًا مع ظهور حركة الهواة، والتي أفرزت أسماء وازنة في مجالات الإبداع المسرحي من تأليف وتمثيل وإخراج ونقد، وأسهمت في إغناء المشهد الثقافي المحلي، بفضل التعدد المجالي (حضري وقروي) والانفتاح على مرجعيات المنطقة.

الدعم المسرحي: إشكالات بنيوية ومقترحات إصلاح

توقف الدكتور صولة عند مسألة الدعم المسرحي، معتبرًا أنه يظل محدودًا ومركزيًا، وغير متكافئ مع حجم الانتاجات والتطلعات. وقدم عدة مقترحات من بينها:

ربط الدعم بسياسات جهوية عادلة.

الرفع من حجم التمويل المخصص للإنتاج والترويج.

إحداث صندوق خاص لدعم المسرح.

تقديم الدعم على دفعتين لضمان الاستمرارية.

تسريع عملية صرف المستحقات.

خلق لجان للمراقبة والتقييم، والالتزام بدفتر التحملات.

ضعف البنية التحتية وغياب إرادة سياسية واضحة

نوّه المتدخل بأن الفرق المسرحية في القنيطرة تُعد على رؤوس الأصابع مقارنة بحجم الساكنة، ما يعكس ضعف البنية التحتية وغياب فضاءات عرض مجهزة تقنيًا، مما يجعل الإنجاز المسرحي محفوفًا بالمخاطر، ومعرّضًا للفشل أو الإلغاء.

دعوة للتجاسر بين الأجيال

اختتم الدكتور صولة مداخلته بالدعوة إلى ضرورة ربط جسور التواصل بين الرواد والمؤسسين، والجيل الجديد من المسرحيين، من أجل ضمان استمرارية التجربة وتطوير فرجة مسرحية مغربية ذات هوية محلية متجذرة في بيئتها الثقافية والسوسيو-تاريخية.
خلاصة
مداخلة الدكتور محمد صولة شكّلت لحظة تفكير جماعي في واقع المسرح القنيطري، وطرحت أسئلة جوهرية حول التهميش، وضرورة التأصيل، ووضع استراتيجيات جهوية وسياسية تعيد للفن المسرحي اعتباره ودوره التنويري في المجتمع.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة