كأن بعدي صار هو القاعدة، و كأن شغفي إنطفأ فجأة و كأن الكتابة ماتت هي الأخرى إبان موت قلبي… كم أنه صعب التخلي غصبا عما تهواه و تعشقه، و كم أن الكلمات كانت قد تلاشت في عقلي و كم أن روحي كرهت ما كنت أصف به أغلى ما كان لدي . إن شعور المرء يبحر في خضم عواصف هوجاء تارة يتخبط و تارة أخرى يستقر في إنتظار تخبط آخر لأن السكينة لا تليق به على الأرجح. و المرء في ضل هذه التحولات يصبح كائنا غريبا جدا، غريب عن نفسه، غريب عن الناس و الأسوء؛ أن الناس أيضا يصبحون غرباء عنه و هو غريب عن ذاته، فيدخل بذلك الشخص في مرحلة العزلة الأجتماعية و مرحلة البحث عن كل جوانب شخصيته.
يحدثه في البداية الأنا الأعلى بإعتقاده المتحكم في كل الأمور ويجبر ه على أن يتخد منهجا مبنيا على الحيطة و الحذر ، ثم يأتي الهو المسكين فيطلق أنينا بمثابة نجدة لكينونة رقيقة على حافة الموت و يحاول جاهدا إقناع الأنا الأعلى بفك حزام الحذر الذي يتموضع على عنقه و يسهم في أنينه. و بذلك يجهز الأنا سفينة الإبحار من جديد و تنطلق الرحلة البحرية للشعور و يتخد فيها العقل كربان للوهلة الأولى ثم ينام تحت تخدير الرياح و نسائمها و يبقى المرء في سفينة بلا ربان !